{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7) فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10)}أخرج ابن الضريس وابن مردويه والنحاس والبيهقي عن ابن عباس قال: نزلت سورة المدثر بمكة.وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله.وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن الضريس وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وابن الأنباري في المصاحف قال: سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أول ما نزل من القرآن فقال: {يا أيها المدثر} قلت: يقولون {اقرأ باسم ربك الذي خلق} فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبدالله عن ذلك قلت له مثل ما قلت. قال جابر: لا أحدثك إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «جاورت بحراء، فلما قضيت جواري فنوديت فنظرت عن يميني فلم أرَ شيئاً، ونظرت عن شمالي فلم أرَ شيئاً، ونظرت خلفي فلم أرَ شيئاً، فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فجثثت منه رعباً، فرجعت فقلت دثروني فدثروني، فنزلت {يا أيها المدثر قم فأنذر} إلى قوله: {والرجز فاهجر}».وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس أن الوليد بن المغيرة صنع لقريش طعاماً فلما أكلوا قال: ما تقولون في هذا الرجل؟ فقال بعضهم: ساحر، وقال بعضهم: ليس بساحر، وقال بعضهم: كاهن، وقال بعضهم: ليس بكاهن، وقال بعضهم: شاعر، وقال بعضهم ليس بشاعر، وقال بعضهم: سحر يؤثر، فاجتمع رأيهم على أنه سحر يؤثر فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فخرج وقنع رأسه وتدثر، فأنزل الله: {يا أيها المدثر} إلى قوله: {ولربك فاصبر}.وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما {يا أيها المدثر} قال: دثرت هذا الأمر فقم به.وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه {يا أيها المدثر} قال: كان متدثراً في قطيف، يعني شملة صغيرة الخمل {وثيابك فطهر} قال: من الإِثم {والرجز فاهجر} قال: الإِثم {ولا تمنن تستكثر} قال: لا تعط شيئاً لتعطى أكثر منه {ولربك فاصبر} قال: إذا أعطيت عطية فأعطها لربك واصبر حتى يكون هو الذي يثيبك.وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {يا أيها المدثر} قال: المتدثر في ثيابه {قم فأنذر} قال: أنذر عذاب ربك ووقائعه في الأمم وشدة نقمته إذا انتقم {وثيابك فطهر} يقول: طهرها من المعاصي وهي كلمة عربية، كانت العرب إذا نكث الرجل ولم يوف بعهده قالوا: إن فلاناً لدنس الثياب، وإذا أوفى وأصلح قالوا: إن فلاناً لطاهر الثياب {والرجز فاهجر} قال: هما صنمان كانا عند البيت أساف ونائلة يمسح وجوههما من أتى عليهما من المشركين، فأمر الله نبيه محمداً أن يهجرهما ويجانبهما {ولا تمنن تستكثر} قال: لا تعط شيئاً لمثابة الدنيا ولا لمجازاة الناس.وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي مالك رضي الله عنه {وربك فكبر} قال: عظم {وثيابك فطهر} قال: عنى نفسه {والرجز فاهجر} قال: الشيطان والأوثان.وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه: قلنا يا رسول الله كيف نقول إذا دخلنا في الصلاة، فأنزل الله: {وربك فكبر} فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نفتتح الصلاة بالتكبير.وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {يا أيها المدثر} قال: النائم {وثيابك فطهر} قال: لا تكن ثيابك التي تلبس من مكسب باطل {والرجز فاهجر} قال: الأصنام {ولا تمنن تستكثر} قال: لا تعط عطية تلتمس بها أفضل منها.وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما {وثيابك فطهر} قال: من الإِثم قال: وهي في كلام العرب نقي الثياب.وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وثيابك فطهر} قال: من الغدر، ولا تكن غداراً.وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في الوقف والابتداء وابن مردويه عن عكرمة أن ابن عباس سئل عن قوله: {وثيابك فطهر} قال: لا تلبسها على غدرة ولا فجرة، ثم قال: ألا تسمعون قول غيلان بن سلمة:إني بحمد الله لا ثوب فاجر *** لبست ولا من غدرة أتقنعوأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: كان الرجل في الجاهلية إذا كان غدراً قالوا: فلان دنس الثياب.وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن أبي رزين {وثيابك فطهر} قال: عملك أصلحه، كان أهل الجاهلية إذا كان الرجل حسن العمل قالوا: فلان طاهر الثياب.وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وثيابك فطهر} قال: وعملك فأصلح.وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {وثيابك فطهر} قال: لست بكاهن ولا ساحر فأعرض عنه {والرجز فاهجر} قال: الأوثان {ولا تمنن تستكثر} قال: لا تعط مصانعة رجاء أفضل منه من الثواب {ولربك فاصبر} قال: على ما أوذيت.وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك رضي الله عنه {وثيابك فطهر} قال: عنى نفسه.وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه {وثيابك فطهر} قال: ليس ثيابه الذي يلبس.وأخرج ابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {وثيابك فطهر} قال: خلقك فحسن.وأخرج ابن المنذر عن يزيد بن مرثد في قوله: {وثيابك فطهر} أنه ألقى على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلا شاة.وأخرج الطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم {والرجز فاهجر} بالكسر.وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «{والرجز فاهجر} برفع الراء، وقال: هي الأوثان».وأخرج ابن المنذر عن حماد رضي الله عنه قال: قرأت في مصحف أبي {ولا تمنن أن تستكثر}.وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه {ولا تمنن تستكثر} يقول: لا تعط شيئاً لتعطى أكثر منه، وإنما نزل هذا في النبي صلى الله عليه وسلم.وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه {ولا تمنن تستكثر} قال: لا تعط شيئاً لتعطى أكثر منه، وهي للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة والناس موسع عليهم.وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما {ولا تمنن تستكثر} قال: لا تعط الرجل عطاء رجاء أن يعطيك أكثر منه.وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {ولا تمنن تستكثر} قال: لا تعظم عملك في عينك أن تستكثر من الخير.وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {ولا تمنن تستكثر} قال: لا تقل قد دعوتهم فلم يقبل مني، عد فادعهم {ولربك فاصبر} على ذلك.أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فإذا نقر في الناقور} قال: الصور {يوم عسير} قال: شديد.وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {فإذا نقر في الناقور} قال: فإذا نفخ في الصور.وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه وأبي مالك وعامر مثله.وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال: الناقور الصور شيء كهيئة البوق.وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال: نزلت {فإذا نقر في الناقور} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف أنعم وصاحب الصور قد التقم القرن وحنى جبهته يستمع متى يؤمر؟ قالوا: كيف نقول يا رسول الله؟ قال: قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا».وأخرج ابن سعد والحاكم عن بهز بن حكيم قال: أمنا زرارة بن أوفى فقرأ المدثر، فلما بلغ {فإذا نقر في الناقور} خر ميتاً فكنت فيمن حمله.وأخرج عبد حميد عن قتادة {فذلك يومئذ يوم عسير} قال: ثم بين على من مشقته وعسره فقال: {على الكافرين غير يسير}.